أهلي

سامر أبو هوّاش

هناك فوق أرض ٍ- قيل لنا - ليست أرضنا
وتحت سماءٍ - قيل لنا - ليست سماءنا
يعيش أهلي موتهم
 
لا نعرف كيف وصلنا إلى هنا
ولا مكانَ آخر نمضي إليه
لكننا، في ذروة اليأس، نناجي آلهة الشتات:
أعينينا يا آلهة
لكي نفهم هذه المعضلة،
فنحن لا نريد أن نؤذي مشاعر الصحراء
ولا أن نقلق سكون الجبل
والمدينة كثيرة وشاهقة أسوارها
فإلى أين المسير؟
 
كنا في حديقة
لا نعرف إن كانت - هي الأخرى - لنا
ولم تكن الحديقة الأجمل
إذ لم يكن فيها شجر ولا ثمر
ولا طيور تعشش في خرائب أرواحنا
وجدنا أنفسنا هنا ذات يوم
وقلنا هذه حديقتنا
وحفرنا جحورنا بالإبر
واختبأنا من الشمس اللاهبة
في ظلال ذكريات بعيدة
عن حياة قيل لنا أنها - هي الأخرى -
ليست لنا
 
لم نأت من اتجاه ولا مكان
فقط تساقطنا كالغبار
من نجمة ميتة
ربما بمحض صدفة فلكيّة
 من تعامد الشمس مع كوكب اليأس
لا فكرة لدينا عما حصل في البداية
ولا عما سيحصل في النهاية
لم نعد نذكر شيئا
لكننا نعرف أننا هنا
نتشاطر هذا الرغيف اليابس
والعالم اليابس
ودموع الأنهار الجافة والأمهات
 
لا لون لنا
ولنا كل الألوان
لا ملامح أقسى
ولا لغة
لا نقطة انطلاق
ولا وجهة نهائية
في كلّ مطار من مطارات العالم
ستجد واحدا منا
يحاول أن يشرح لغريب ما
علة وجوده على هذه الأرض
 
نعيش حياة شيّقة
كلّ يوم نحياه مغامرة
وكلّ نَفَس معجزة
وحين نموت أخيرا
فإننا نموت كثيرا
يضجرنا الرحيل ويفزعنا الشتات
حتفنا جلبة تكفي
ليوم شيّق آخر في أكناف السماء
 
لم يعدنا ربّ بشيء
وأهملت ذكرنا الكتب
وتركنا نطارد أشباحا تطاردنا
من أجل مصعد
لم يعد يصعد
إلى أي سماء
 
 
أهلي
يدوّنون أسماء أطفالهم
على الأيدي والسيقان
لكي يتعرّفوا عليهم في المقتلات
يرسلون نظراتهم بعيدا في الحقول
ولا ينسون أن يلمسوا في طريقهم
كل حجر صارخ
وكل غصن مستحيل
لعلّ إشارة أو صوتا
لعل أغنية أو صلاة
تعيد وصلهم في ظلمة واحدة.